الأستاذ المجدد نورالدين مشاط -قصة البداية

machchate كتب:رحلتي مع تكنولوجيا المعلومات و الاتصال


كان ذلك صيف سنة 1997 ، حيث رفعت التحدي و قررت الانتفاضة لاقتحام مجال كنت أتخوف منه. اشتريت حاسوبا من نوع بانتيوم2 و بسرعة ضعيفة.. و لكن الطموح كان كبيرا.. انخرطت في دورات تدريبية مع إحدى الجمعيات المتخصصة في الإعلاميات و شركة تطور البرامج.. لكن طموحي كان أكثر من هؤلاء فسرعان ما تفضلت بالمغادرة بعد ما وجدوا أن سرعتي في الاستيعاب و قدرتي على السير بسرعة أكبر بكثير ..
في صيف 1999 سافرت إلى فرنسا و بلجيكا.. كنت آنذاك قد طورت مهاراتي في إصلاح الحواسيب بل و تفكيكها.. و هالني ما رأيت من ضعف التحصيل لدى الجالية العربية و المسلمة على مستوى اللغة العربية.. فوعدت الزملاء هناك بتطوير برنامج – التراكيب - لدعمهم في تدريس اللغة العربية. كانت البداية مع البيئات التطويرية، و لم أكن أتصور أنذاك أن هذا البرنامج الذي كنت سأخطه برمجيا هو الذي سيخطني تكوينيا.. لقد بدأ صغيرا في نفسي و كَبُر ليشغلني ثلاث سنوات و يطور لدي ملكات عديدة و معرفتي ببرامج كثيرة..و ليقفز بي من كاتب مقالات ببعض المجلات و رسام جداريات و هاو للشعر،و مصلح للحواسيب، إلى مطور للبرامج..
خرج البرنامج إلى العموم فلقد وزعته على الزملاء عبر ربوع الوطن ليستفيد منه التلاميذ و عبر الحدود إلى فرنسا.. و اتصلت بي إحدى الشركات لتبنيه بالمقابل، لكني كنت قد وعدت الله أن يكون مجانيا فطلبت منهم أن يكون ربع الربح من أجل أطفال فلسطين..عدلت عن الفكرة كليا و أعدت صياغة البرنامج مع كل معضلة تلوح.. فكانت النسخة الرابعة منه. و مع إعلان وزارة التربية الوطنية و شركة مايكروسوفت عن مسابقة الأساتذة المجددين.. كان البرنامج جاهزا للدخول في رهان ليس للفوز و إنما لإثبات ذاته و توسعة آفاق انتشاره..و فاز البرنامج.. كانت فرحة كما عبرت عن ذلك في جريدة
le Matin ..فرحة من أجل فلذة كبدي- برنامجي.. فلقد أمضيت ليالي بيضاء معه نخط أنفسنا ..أحفر فيه و يحفر في ..حتى امتزجنا..
لقد أخذني (التراكيب) معه لأحضر القمم و المنتديات و ليكرمني السيد وزير التربية الوطنية.. بل و لأزور المشرق- دولة الإمارات العربية المتحدة.. و لألتقي إخوة لي يحملون نفس الهم و يبتغون المعالي و رفعة الوطن.. حيث طورنا سويا علاقة أساسها التشاركية و تبادل العلم. فعم بيننا حب كبير بل و ارتقى ليصبح انسجاما روحيا عميقا.. كما ربطني ، من جنوب المغرب – منطقة بوجدور حيث كنت أعمل فبل سنتين- بكل جهاته .. وكنت لا أحس ببعد المسافات و امتداداتها.
أصبح تطلعنا دائما لمن يجمعنا على مائدة المعرفة.. و فرحنا يكون كبيرا و عارما بنجاح إخواننا.. و كلما التقينا إلا و أثرنا انتباه من حولنا إلى هذا النفس الذي يميزنا.. نَفَسُ العطاء الذي لا يعرف البخل.. فحضرتا الورشة الدولية بالرباط و الملتقى الثاني للشبكة المغربية للتربية و الموارد... و.. و..وفي كل من هذه اللقاءات كان عطاؤنا متميزا و حضورنا لافتا..
ثم اخثير بعضنا ليكون مكونا رئيسيا في إطار برنامج جينيGenie و كنت من أولئك.. و بدأنا التكوينات و لمس من حضروا تكويناتنا، و لله الحمد، عمق العطاء و التجربة حيث شحذنا الهمم من أجل التجديد..و رسخنا مبدأ التشاركية..
كنا نرى ..أنا و زميلي محمد علي بالحاج.. الذي اقطن معه حاليا نفس المدينة بعد انتقالي من منطقة بوجدور.. كنا نرى أمامنا طريقا لتطوير الإنتاج الرقمي بالبلاد و لقد و ضعنا جزءا من تصوراتنا خطوطا في الصحافة المكتوبة: دليل الإنترنت ، ضمير الكاتب، و منبر تافيلالت..كما دفعنا ببعضها عبر الأكاديمية الجهوية للتربية و التكوين مكناس تافيلالت و منها المختبر الجهوي لإنتاج البرامج الرقمية بالجهة..
و رغم ضيق الوقت..فالأستاذ مشاط يعمل بالابتدائي و في أقسام مشتركة، 3-4-5-6 أو ما يصطلح عليها بالحصيرة.. بالإضافة إلى التكوينات و المداخلات.. فقد أنجزت ما يزيد عن ستة برامج بعد التراكيب و في ظرف سنتين و نصف.. لقد كان الحاسوب و لا يزال الصديق الحميم.. فحديثه إلي خاص و حديثي معه أنغام..
ثم جاءت فكرة إطلاق تكوينات عبر الإنترنت، و كان روادها الإخوة المجددون الستة، مشاط، بلحاج، المحسيني، بداج، لكوادر، و الحسايني.. فاختارني الإخوة منسقا لهم.. و لا زلنا على العهد بإطلاق هذه التكوينات كما أشير إليها في موقع المجددين..
ذلكم بعجالة شديدة رسم لنور و وهج شع في القلب.. لو شئت تفصيله و قد يكون يوما ما لكتبت كتابا ضخما: رحلتي مع تكنولوجيا المعلومات و الاتصال.. و لكانت فقط الرحلة إلى دبي تستحق عشرات الصفحات كما يذكر الأخ مصطفى لكوادر الذي تابع معي أطوارها من حيث المسافة الكيلومترية و النفسية..
إخوتي الأحبة.. المجددون جزء منكم لن يبخل أبدا.. فعهد دائما منا العطاء و السلام.
أخوكم: نورالدين مشاط
[center]